عشق في الخيال ...

0 التعليقات
حبيبتي ..

فتاة جميلة جمالا لا تستوعبه أوراق ولا تكتبه أقلام ولا تصفه ألسنة ولا تتصوره أذهان ...

فبجمالها أرى جبال عجلون وعمان وأشجار اللوز والبلوط والتين والزيتون والرمان....

أما عيناها فساحرتان كأنهما شمسان في آن تسطعان أو كأنهما سطوع الشمس على البحر وقت الغروب أو الفجر أو وقت الصحيان....

وأسنانها كاللؤلؤ المنثور في صدف البحار والأنهار، بل أقرب إلى النجوم المزروعة في السماء حين تخلو من الغيوم والدخان أو كلون الضوء أو القطن والكتان...

أما صوتها فصوتها في أذني أجمل من صوت أنغام الأوتار المعدنية، وإنه لأحب إلي من صوت البلابل وصوت الألحان الذهبية، بل وأفضل من أصوات المعازف والرنات العصرية...

أما شعرها -كما تقول مخيلتي- فموج البحر في ليلة هادئة حين يتخلل مياهه رياح خفيفة تمشط البحر فتصنع الأمواج الجميلة، التي حين تضطرب تصنع لونا أسود مصحوبا بلمعة انعكاس أضواء أكواخ الصيادين وقواربهم التي يضيؤونها للسهر أو صيد ما لا يصاد في النهار....

أما وجهها فنور البدر منتصف شهر رمضان، وجه يبعث في النفس نشوة الإنجاز وأمل التواصل والتقدم نحو الأمام...
هذا وجهها الذي فطر قلبي وصفده بالأصفاد وجعله كماء البحر يتبع البدر ويندفع إليه عند الجزر، بعد انحسار البحر عن الشواطئ الصفراء...

أما عطرها فقريب من ريح الربيع حين تتكاثر الأزهار، وحين تتناثر الورود الزاهية المتفاوتة الأشكال والألوان، وإن بعطرها سرا يجعلني حين أشمه على شجرة مزهرة أتخيل أن تلك الشجرة طيفا أو شبحا يأخذني إليها في غضون ثوان، أو أنها آلة زمن تعيدني إلى زمن رأيتها به..

وكذلك فقد أصبح قلبي جهاز رصد سحري أعرف به مكانها حين أراه هائجا مندفعا إليها، مبلغني اقترابها من مكان وجودي، أو مرورها بمحيطي، أو مروري بمحيطها.....

هذه حالة قلبي المفتون الذي تعلق بها ويأمل أن يتوقف عن النبض في نهاية حياة هي ملؤها، فليست الحياة حياة إلا إذا عشت طفلا في أحضانها، وليس الموت موتا إذا لم أمت وقلبي ملآن بحبها، ولست أرى في الموت خسارة بعدها ولست أرى في الحياة مكسبا بغيرها.....

ولست أرى بنفسي إنسانا دونها ولا بقلبي محلا لغيرها، ولا أرى بنعيم الدنيا لذة إن لم تذقه بنفسها ..

ذاك قلبي المسحور...

أما عقلي....

فأصبح أكثر تخطيطا وانشغالا بمجريات المستقبل، فأراه لا ينفك يبحث عن أقرب وأفضل طريق لإكمال حياتي معها، والتي قد لا تتم إن لم تشاركني بها، فتارة أراه يرسم لي طريقا أخطوها وتارة أخرى أراه يعبر بي إلى الأمام متخطيا حاجز الأزمان....

وأحيانا أراه يحثني على الجد والإقدام حتى لا أخسرها، فأراه يشعل في نارا تجعلني أريد أن أملك أفضل مهنة بأسرع وقت ممكن حتى أكون قادرا على إعلان حبي لها على أهل بيتي وأكون قادرا على الذهاب معهم إلى بيتها وطلب يدها حتى تكون شريكة شرعية لحياتي....

هذه حالي التي أعيش ... ومصيبتي التي أقاسي.... نتيجة حب سكن قلبي ولا أريده أن يرحل، الذي أراه داء هي دواؤه وهي الحل، وأرى هذا الحب جميلا رغم صعابه ومتاعبه، إلا أنه جميل حتى ولو قلبي ذبل، أو جسمي هزل أو تبدد تفكيري وتشتتت أفكاري.....

حبيبتي...

عرفتك يوما وقد عرفت معك أنه لا بد لي من أن تكوني مالكة قلبي وحافظة سري، مفرجة همي، ومبددة أحزاني، وأن تكوني جملة أحلامي وتفصيلها، وقمة غاياتي وذروة آمالي، وكمال طموحاتي...

فعيناك تظهران سر جمالك المرئي... ولا تكتمان سر جمالك الروحي الخفي، هكذا رأيتك وأصبحت معجبا كل الإعجاب ..

فعندما رأيتك بدأت أكون مرتاحا، وبدأت أرى همومي تتلاشى حين ظهورك في مرمى عيني، ثم أصبحت أشد إليك كأنني أشد بحبل طيفي لا ينقطع...

أو كأن قلبي ينجذب إليك تحت تأثير مغناطيس يجعل حديد قلبي سيلا ينساب ويمنعه صدري أن يشق طريقه إليك...

ثم تطور حالي إلى أن أصبحت لا أستسيغ الحياة حتى تستسيغيها ولا أعيش فرحي حتى تعيشي فرحك، ولا أهنأ بفرحة حتى تكوني أنت فيها، ولا آبه بحزن إن لم يكن يحزنك، ثم أدركت أنني بكل تأكيد "أحبك" ولا أستطيع أن أعيش دونك، وأن أحلامي الكبيرة ليست إلا طريقا لأن تكوني شريكة عمري، وقسيمة سري وضري...

تمنحينني العطف والحنان وأمنحك الحب والأمان، تحت إطار السكينة التي شرعها ربنا لنا إن أردنا أن نتقاسم الحياة خيرها وشرها، وإن أردنا أن يكون أحدنا بيتا للآخر وسكنا أو إن أردنا أن يكون كل منا متمم الآخر....

لم أفصح لك عن مقدار حبي لك بعد...

فلم أذكر إلا مقدمة حب تغلغل في قلبي ونشر جذوره التي حلت محل شراييني وأوردتي، والتي إذا قطعت توقف قلبي عن إيصال الحياة إلى أعضائي، وإن سحب هذا الحب مني فإن أطرافه تسحب معها روحي، ولست بدون روحي إلا جثة هامدة لا حول لي ولا قوة...

وليس قلبي بدون حبك إلا كتلة لحم أشبه ما تكون بالحجارة أو الحديد، وليست حياتي من غير هذا الشعور الجميل إلا صورة من غير ألوان، أو بيتا خربا لا عيش فيه ولا سكن...

لا أبالغ إن قلت لك أنك بلا شك سر تفوقي ونظري نحو القادم بجدية، وأنني بدأت أحب المشقة عندما رأيتها السبيل الوحيد الذي يوصلني إلى توفير العيش الهنيء والعش الهادئ والحياة الآمنة لك...

لست أقول هذا مجاملة ولا استدرارا للعواطف والأحاسيس ولا استدراجا لقلبك...

بل إن الذي يقول ليس أنا، وليس الذي يتكلم فمي، ولا التي تكتب يدي، وإنما هو قلب رهين المحابس، أعطاك حكم مملكتي دون حرب أو قتال، ودون أن يأخذ بمشورة عقل سلب حكمه منه دون إكراه ولا إجبار...

فكلي: روح ونفس وجسد وعقل وقلب، نرحب بك سيدة لنا، لك حكم قلبي وطالما دمت أهلا لذلك، وإني أراك خير ملكة تحكم مملكة هزلت إن حكمها أو ملكها غيرك...

لقلبي الحق فيما فعل، فعيناك شمسان إن سطعتا أحيتا نفسي وربطتاها بروحي وعقلي، وإن غابت عيناك فإنها تنبت في أملا لأن أراهما تسطعان من جديد، أملا لا يلبث حتى يتحول شوقا كبركان مكبوت، وكم وددت لو يثور هذا البركان قاذفا معه ما تغلغل من حرقة اشتياقي لك...

الحرقة التي جعلتني طفلا يبكي بكاء مرا إذا ما شعر بغياب من تزوده بالحياة وتخطو به نحو الأمام، فأمه تمنحه الغذاء الذي يبني جسده ويحميه وتسير به على الطريق لينتهي من مرحلة لا يملك لنفسه فيها سوى البكاء لغة للحصول على مبتغاه والوصول إلى مرامه، وأنا أشبه هذا الطفل في قلة ذات يده...

ولكنني لست بحاجة إلى أحد ليطعمني حتى أبني جسدي وأحميه أو يأخذ بيدي ويقودني على درب الصواب، بل إنني لست أريد إلا حبك الذي يبني نفسي وروحي ويحميهما من الانهيار...

ويأخذ بقلبي من حتمية السكون إلى الوقوع في أمر يجعله يرأف بالمسكين ويحفل بالجمال ويقدر روعة الزهور ويدرك دقة البحور وعظمة الغفور...

نعم، فلم أقدر جمال الزهور إلا بعدما ذكرني بك، فذلك الورد الأبيض يذكرني ببياض أصلك وطيبة قلبك، وهذا الورد الأحمر يذكرني بشفتيك اللتين إن نطقتا دقيقة، زودتني بالحياة سنين...
وتلك الوردة الصفراء أتلون بلونها إن لم أراك...
وهذه الوردة السوداء تخبرني عن لون يوم غبت فيه عن مرآي...
وكذلك فإنني أدركت عظمة الخالق...
الذي أودع فيك مفاتيح مسرتي وجعلك سيدة عصري، وجعلني معلق قلبي بك..

وأكثر الأمور التي ذكرت غرابة أنني حتى اللحظة غير قادر على معرفتك يا حبيبتي، فهل أسبقك أم تسبقينني، أم أنني سأبقى طول عمري أبحث عنك وأموت ولا ألقاك، أم أنك صورة نسجها الخيال وبدأت أراك فيها، أخبريني فكلي شوق للجواب!!!!

بقلم: ليث الغرايبة


للتعليق مباشرة من موقع الفيسبوك ....

 

جميع الحقوق محفوظة لـ خربشات ليث الغرايبة